حكاية زينب المصري … هروب من القصف إلى أضواء الكاميرا

ديما شلار

خلال رحلة تعليم اللغة التركية لغير الناطقين بها، اكتشفت زينب المصري شغفها بالإعلام والتصوير، ودعمته أكاديميًا بعد الالتحاق بجامعة "أناضولو" لدراسة إنتاج برامج الراديو والسينما، بينما تخطط الآن لتأسيس مشروع إعلامي خاص وتفكر في متابعة دراساتها العليا للحصول على درجة الماجستير.

قيِّم هذا الموضوع: 4

"بدأت كمدرسة للغة التركية عن بعد، وهذا لا يتنافى مع كوني إعلامية أبدًا، بل بالعكس يجعلني في حالة تطور دائم." بهذه الكلمات تبدأ زينب المصري، صانعة المحتوى البالغة من العمر 32 عامًا، حديثها عن رحلتها من بنش في محافظة إدلب إلى أنطاكيا في تركيا.

في عام 2012، تعرض بيت بجوار منزل زينب ببنش لقصف صاروخي، ما جعل العائلة تقرر مغادرة سوريا هرباً من الموت المحقق، وصولاً إلى أنطاكيا، المدينة التركية الجنوبية، الشبيهة بجاراتها من المدن السورية الحدودية، شريكتِهم في نهر العاصي، ومحطتِه الأخيرة بعد رحلة طويلة مر فيها من القصير وحمص وحماة وإدلب.

أنطاكيا كانت مألوفة لعائلة زينب بفضل الزيارات المتكررة لعمتها المتزوجة من مواطن تركي منذ سنوات، والحدود المفتوحة بين البلدين وقتها. أصرت على إتمام دراستها في الإدارة والعلوم الاقتصادية بجامعة أنطاكيا، حيث بدأت خطوتها الأولى في تعلم اللغة التركية بأبسط الطرق المتاحة. وبعد شهور، أصبحت الفتاة السورية ذات الـ 19 عامًا مديرة لصفحة "تعلم اللغة التركية بسهولة" على موقع فيسبوك، بالتزامن مع التحاقها بمنهاج "التومر" لتعلم اللغة التركية في الجامعات التركية، لتعلّم المتابعين ما كانت تتعلمه حينها.

نمت الصفحة وتزايدت طلبات المتابعين بالتزامن مع إتمام زينب تحصيلها الجامعي، فقررت إنشاء قناة على يوتيوب في عام 2015 تُدعى "تعلم اللغة التركية مع زينب"، وتقول: "بالرغم من شخصيتي الخجولة جداً حينها، فإن حبي للتصوير ورواية القصص، جعلني أهزم مخاوفي، وبدأت بداية متواضعة جداً باستخدام كاميرا بسيطة".

خلال رحلة تعليم اللغة التركية لغير الناطقين بها عبر الإنترنت، اكتشفت زينب شغفها بالإعلام والتصوير، ودعمته أكاديميًا بعد الالتحاق بجامعة "أناضولو" لدراسة إنتاج برامج الراديو والسينما عام 2019، كما شاركت في دورة تدريبية للصحفيين نظمتها جريدة "عنب بلدي" في مدينة إسطنبول التي انتقلت إليها بعد زواجها، ما أتاح لها فرصة العمل كمحررة تحت التدريب، لتتعين لاحقا كمحررة رسمية.

إلى جانب تعليم اللغة التركية، أنشأت زينب صفحة تتحدث فيها عن تركيا وتجاربها الشخصية والأمور التي تهم السوريين في تركيا. تحرص زينب دائمًا على إتمام تفاصيل العمل بنفسها، بدءًا من اختيار المواضيع، إلى كتابة النصوص، وصولًا للتصوير والإخراج وإنهاء التفاصيل الفنية التي تطورت كثيرًا عبر السنوات.

تنصح زينب دائمًا بالتفاعل مع الجمهور، والالتزام بمواعيد نشر المحتوى، والاستفادة من الانتقادات البناءة، مع كثير من الصبر، وتقول إن "الانتشار سابقًا كان أسهل، حالياً يرتبط الانتشار بالتريندات (…) يجب أن تكوني متميزة لتبني جمهوراً مخلصاً يبحث عنكِ بدلاً من متابعة ما تعرضه عليه الخوارزميات".

تخطط زينب الآن لتأسيس مشروع إعلامي عائلي خاص وتفكر في متابعة دراساتها العليا للحصول على درجة الماجستير، وتعتبر نفسها من النساء اللواتي استطعن تحقيق توازن مقبول في تركيا، موضحةً: "عشت في أنطاكيا سبع سنوات قبل الزواج ولم أشعر بالغربة، كما أن حصولي على الجنسية التركية سهل التنقل، وجعلني أكثر معرفةً بالعادات والتقاليد والأكلات التركية".

الآن، تنتظر زينب مولودها الأول الذي سيولد في مدينة إسطنبول، وتستمتع بفترة الراحة خلال الحمل، وتضيف: "أتبنى قطتين في عائلتي الصغيرة يضيفون تفاصيل ممتعة تجعل من نمط حياتي نمطًا مستقرًا لا أفكر حاليًا بتغييره".

تتذكر زينب أنطاكيا بحسرة، فبعد زلزال تركيا في السادس من شباط 2023، أصبحت هذه المدينة في دمارها وألمها على من غاب من سكانها، تذكرها بركام حيها في مدينة بنش بعد قصف صاروخي طاله من قبل قوات النظام، لتصبح الأماكن والذكريات الجميلة في كلتا المدينتين، أثراً بعد عين، رغم اختلاف الأسباب.


العلامات: #اللغة_التركية, #صحافة, #إعلام, #صانع_محتوى, #يوتيوب, #حامعة, #تعليم, #فيسبوك, #تومر, #تدريس, #عنب_بلدي, #راديو, #ماجستير


مقالات مشابهة

We have send a confirmation code to your email address, pleas enter the code here

Confirm